دائرة الدراسات الدعوية

رؤية وأهداف

الدعوة إلى الله تعالى فريضة شرعية لا تنقطع، وهي وراثة لمهمّة النبوة يضطلع بها الدعاء والعلماء من أمّة الإسلام، وإذا كانت الدعوة الإسلامية في أواخر القرن الماضي (القرن العشرين الميلادي) أدّت دورًا كبيرًا ومشهودًا في تقريب الإسلام للنّاس، وتوضيح مفاهيمه، والإقناع بمبادئه، والترغيب في الالتزام بآدابه وأخلاقه، حتّى شهد العالم برُمّته صحوة إسلامية، وفيئة إلى التديّن الصحيح، ما زلنا نقطف ثمراتها إلى اليوم، إلاّ أنّ الألفية الجديدة شهدت قفزات بل طفرات غير مسبوقة في وسائل وطرائق وأنواع التأثير على عقول الناس وأفكارهم ومعتقداتهم ومبادئهم وأخلاقهم، أو على عواطفهم ونفسياتهم، لا سيما ثورة التواصل الفضائي والالكتروني، والتي تعدّ الأجيال اليافعة التي تتراوح أعمارها بين الخامسة عشر والثلاثين؛ شريحتها المفضّلة، والطبقة الأكثر استهلاكاً وتفاعلاً مع هذه الثورة.

وحيث إنّ الأمة الإسلامية؛ ليست هي الصانعة لهذه الثورة لا من حيث التقنية ولا من حيث المحتوى، فالبضاعة الرائجة فيها هي بضاعة غربية تغريبية، بل إنّ بضاعة الفساد والإفساد الديني والأخلاقي الممنهج والتي أصبحت صناعة محكمة تصدّرها لنا مؤسسات شيطانية كبرى تدير الإعلام العالمي؛ هذه البضاعة هي الأخطر على الإطلاق في تاريخ الدعوة الإسلامية المعاصرة.

ومن هنا؛ ظهر في شباب الأمة الإسلامية الإلحاد، والفواحش، والمخدّرات، وويلات كثيرة آن الأوان أن نقرع لها أجراس الإنذار بكلّ جديّة، فإنّها إن لم تواجه بمنهجية ناجعة، فهي قنبلة أكثر فتكاً من الأسلحة النووية، ستنفجر بعد سنين قليلة من حيث لا نشعر.

في الوقت الذي نلحظ فيه أنّ الدور الرائد الذي أدّته الدعوة الإسلامية سابقًا قد تراجع بكثير، والمناهج والوسائل راوحت مكانها، ولم تواكب التحديات، فالطرق التقليدية للدعوة المتمثلة في الخطاب المسجدي، والكتيّبات، والدروس الصوتية المسجّلة، لم تعد تشكّل من هامش التأثير إلاّ نسبةً ضئيلة، وزاد من تفاقم التحدّي؛ تراجع دور المدرسة في التربية وغرس القيم، أمّا الأسرة فغرقت في المشكلة الاقتصادية والاجتماعية، وإن كنّا لا نبرّئها من التقصير بل التفريط.

وحتّى ما يمارس ضمن الوسائل التقليدية؛ فإنه لم يسلم من الآفات التي قوّضت فعّاليتها، وفي بعض الأحيان قد تأتي بنتائج معاكسة، فإنّ الخطاب الذي لا يفقه الواقع المحلي والدولي والعالمي، ولا يعرف أين يكمن التحدّي، وما هو مصدر الخطر، وأين الداء الفعلي وأين أعراضه الخارجية؛ هو خطاب فاشل لا يُصلح شيئاً.

وأيضا التشرذم الدعوي، والجهود الفردية المعزولة عن بعضها، وغياب وحدة أو تقارب في التصوّر للمشكلات، وفي رسم الأهداف، وفي وضع وإنجاز المشاريع، كل ذلك يحول دون الفعالية المطلوبة.

لا نقول هذا الكلام لنرسم صورة سوداوية قاتمة، ونحن نعلم أنّ الجهود الخيّرة، وحتّى بعض النماذج النوعية على قلّتها موجودة هنا وهناك، ولكنها ليست في دائرة التأثير المنشود.

على هذا الأساس جاء مشروع دائرة الدراسات الدعوية، ليسهم مع المؤسسات والأفراد ذوي الصلة والهمّ المشترك في رسم معالم مشروع دعوي ناجح، على مستوى الأفكار والنظريات، وعلى مستوى اقتراح الأعمال والمشاريع.

فهي دائرة تهدف إلى تحقيق الغايات الآتية:

1. إنجاز أبحاث ودراسات علمية نظرية؛ حول أبرز الإشكالات المتعلقة بالدعوة الإسلامية وسبل تأثيرها في الواقع.

2. التأصيل الشرعي للقضايا الدعوية المختلفة لا سيما المعاصرة، وفقا لمرجعية تنهل من التراث الفقهي الأصيل وتستفيد من الاجتهاد المعاصر.

3. الإسهام في رسم معالم كبرى للعمل الدعوي تنتقل به من العشوائية والارتجالية والفردية إلى المنهجية والجماعية والمؤسسية.

4. تقديم دورات علمية وتدريبية في رهانات وأولويات الدعوة الإسلامية، وفي آليات وطرق ووسائل الدعوة المؤثرة، وشروط ذلك التأثير، ومستوياته، وأخلاقياته.

5. إنجاز مشاريع دعوية تكون بمثابة النماذج الرائدة التي تصلح للقدوة والاحتذاء.

6. التقريب بين الجهود الدعوية من حيث التصوّرات والأعمال، وتفعيل مبدأ العمل المشترك، والتعاون على البر والتقوى، بعيدا عن التقوقعات الضيقة.

7. الاستثمار الأمثل للبعد الإعلامي الذي هو النافذة الكبرى للدعوة، والاستغلال الأجود لتقنيات الاتصال والتواصل المعاصرة.

8. الإسهام في الوصول بالعمل الدعوي إلى درجة التأثير على كافة الشرائح، لا سيما غير المتدينين، بل غير المسلمين، فهم معنيون بالدعوة أكثر من غيرهم، وكذلك شرائح المجتمع البعيدة عن المدن الكبرى، أو التي لم تنل حظها الكافي من التعليم.

9. اقتراح وتفعيل برامج للنقد والتقويم البناء.