طوفان الأقصى: كيف أعادت المقاومة تشكيل عالم القيم والكرامة؟

You are currently viewing طوفان الأقصى: كيف أعادت المقاومة تشكيل عالم القيم والكرامة؟

طوفان الأقصى: كيف أعادت المقاومة تشكيل عالم القيم والكرامة؟

هل “طوفان الأقصى” أعاد تشكيل عالم القيم؟

المقاومة كفعل قيمي وإنساني متجدد

ليست اللغة مجرّد أداة للتوصيف، بل هي جوهر في صناعة المعنى وإنتاج الواقع، ومن هنا يمكننا فهم العلاقة بين المقاومة والقيام والقيمة بوصفها علاقة متكاملة تُظهر أبعادًا جديدة في الفعل الإنساني.

في سياق ما نشهده من حراك مقاوم، يبرز “طوفان الأقصى” كمثال حي على مقاومة تندرج ضمن الفعل التاريخي الاستثنائي، وليس مجرد رد فعل ظرفي أو عسكري.

الفيلسوفة حنا أرندت ميزت بين “الشغل” و”الصنع” و”الفعل”، لتضع الفعل في قلب الفضاء السياسي، باعتباره ما يعبّر عن الذات أمام الآخرين.

في هذا الإطار، نجد أن “طوفان الأقصى” ليس فقط مقاومة بالسلاح، بل هو خطاب في الفضاء العام، واستعادة للكرامة، وطرح جديد للقيم المنسية.

1. تعديل الصورة الذهنية للواقع السياسي

المقاومة الفلسطينية أحدثت شرخًا في بنية التصورات السائدة حول الاحتلال، وواجهت الرواية التي تروّج لقوّته واستحالة هزيمته.

لقد بدأت تعيد صياغة صورة الكيان الغاصب من رمز للتفوّق العسكري إلى كيان هشّ يمكن الانتصار عليه، رغم تفوقه التكنولوجي والدعم الدولي.

2. ولادة ذوات فاعلة جديدة

الجيل الفلسطيني المقاوم اليوم يعبّر عن هوية فريدة ومتماسكة، قادرة على صناعة واقعها، رغم ظروف الشتات والحصار.

هذه الذوات تبني ذاتها على الإرادة، المعرفة، والروح المقاومة، وتبرهن أن القوة الحقيقية تنبع من الداخل، لا من التحالفات الخارجية أو القوى الكبرى.

3. التقريب بين الشعوب عبر المعنى الإنساني

رغم الفتور العربي والدولي خلال العقود الأخيرة تجاه القضايا العادلة، فقد استطاع “طوفان الأقصى” أن يوقظ حسًّا إنسانيًا جماعيًا، تجاوز الانقسامات السياسية وأعاد صياغة التلاحم الإنساني من بوابة العدل والحق، لا المصالح والتحالفات.

4. استعادة عالم القيم إلى دائرة الفعل

ربما أعظم ما أنجزته هذه المقاومة هو أنها جعلت من القيم – كالحرية، الكرامة، والحق – أفعالًا ملموسة في الواقع، لا مجرد شعارات.

لقد أعادت إلى المشهد قيمًا كانت مهددة بالتغييب، وذكّرت العالم بأنّ الدفاع عن الإنسان لا يجب أن يكون مشروطًا بالجغرافيا أو الدين.

نهاية القوّة ليست في خسارة الحرب، بل في فقدان المعنى

ما يعيشه الاحتلال من ارتباك في مواجهة الفعل المقاوم، يدفعه إلى تصعيد عشوائي يطال المدنيين والأبرياء، وهي مرحلة تشير – كما علّمتنا التجارب التاريخية – إلى بداية الانهيار. فكما فشلت فرنسا في كسر الثورة الجزائرية، فإن نهاية هذا الاحتلال ليست سوى مسألة وقت.


مقالات ذات صلة