الخطابة و التدريس و الفتوى
المعلومات الشخصية
أبو محمد لخضر بن رابح الزاوي، ولد سنة 1931م بقرية فلاحية تسمّى الحَوض والتي تبعد على مدينة المدية في الوسط الشمالي للجزائر بمسافة عشرين كيلومترا.
التكوين والمؤهلات
التحق بالكتّاب في سنّ الخامسة، حفظ القرآن، وتلقّن أحكام التلاوة على يد شيخه امحمد بن شهرة، وختمه في الثانية عشر من عمره.
سافر في طلب العلم في سن الثامنة عشر، ورحل إلى زاوية الشّيخ سيدي عبد القادر بن مصطفى، بالإدريسية، غرب ولاية الجلفة، بنحو مائة كيلومتر.
انكبّ الشّيخ لخضر على طلب العلم في تلك الزاوية وتابع دروس الشيخ خليل من أوّلها، وكان شرح الدردير وحاشية الدسوقي هو المعتمد في التدريس، كما تابع دروس ابن حمدون على ميارة، وجوهرة التوحيد، والأجرومية، والأربعين النووية، وغيرها من الكتب.
دامت دراسة الشيخ بالزاوية الإدريسية ستّ سنوات، وأجاز الشّيخ عبد القادر بن مصطفى الشّيخ لخضر الزّاوي لما رأى فيه من النجابة، وأذن له في التّسبيق وتعليم وتكوين الطّلبة، كما أذن له بالإفتاء على المذاهب الأربعة، وأجازه إجازة علمية.
زوّج الشيخ عبد القادر الشيخ لخضر الزاوي ابنته آمنة، فكانت بذرة طيبة، من عائلة دين وورع وعلم، فرّخت ستة من الأبناء البررة، ذرية بعضها من بعض.
الوظائف والأعمال
اشتغل الشيخ -حفظه الله- بالخطابة والتدريس والفتوى طيلة حياته.
النشاط والإنتاج العلمي
أسّس الشيخ كُتّابًا لتحفيظ القرآن في منطقة «روس الغابة»، بين سي المحجوب والمدية، وكان يعلّم فيه مبادئ العلوم الإسلامية للناشئة.
سنة 1956م عيّنه المجاهدون قاضيا ومفتيا، يفصل بين المتنازعين والمتخاصمين، ويحرّر لهم عقود الزّواج، حتى لا يلجأ الأهالي إلى المحتلّ الفرنسي، وكان على صلة بقادة تلك المنطقة الشهيدان إمام إلياس، وسي امحمّد بوقرة.
سنة 1958م وصل خبر تولي الشيخ لخضر القضاء والإفتاء إلى الاحتلال الفرنسي، فأصبح مطلوبا لدى جيش الاحتلال الفرنسي بقيادة الضابط المسؤول عن المنطقة «كاميل فنيو»، والذي أصدر بيانا باعتقاله مع من معه من إخوانه المجاهدين .حتى نجح الشيخ في الهرب، ونجا من بطشهم بأعجوبة.
رجع الشّيخ لخضر الزاوي مختفيا إلى زاوية زنينة (الإدريسية) الّتي درس فيها وتخرّج منها عند أهل زوجته آمنة؛ أين كان الشيخ عبد القادر قد كبر في السنّ، وعجز عن إمامة المصلّين، فقدّم الشيخ لخضر الزاوي للإمامة في الزاوية، وكان ذلك في سنة 1958م.
بعد الاستقلال، وفي سنة 1963م عيّنته وزارة الأوقاف إمامًا رسميًّا يفتي ويفصل في النّزاعات بين العروش على الأراضي الـمتنازع عليها، بتزكية من الشيخ المفتي مصطفى فخّار .
سنة 1973م طلب الشيخ لخضر من الوزارة الانتقال إلى المدية، فقُبِل طلبُه، وعُيِّن بالمسجد الحنفي، ثمّ انتقل إلى المسجد الجديد، ثمّ إلى مسجد وزرة، ثمّ إلى المسجد المالكي، وبقي فيه نحو عشر سنوات هناك، وحيث كانت له دروس راتبة كلّ ليلة، في شرح مختصر الشّيخ خليل.
اجتمع الشيخ لخضر الزاوي بكوكبة من أهل العلم المبرّزين في الجزائر، وسمع منهم، وأخذ عنهم بعد شيخه سيدي عبد القادر بن مصطفى الطاهري، ومن هؤلاء: الشّيخ عطية مسعودي مفتي الجلفة وضواحيها، الشّيخ عامر محفوظي بالجلفة، الشّيخ عبد القادر بن أبي زيد بن عيسى الشّطّي، الشّيخ بابا اعمر مفتي المالكية وإمام الجامع الكبير بالجزائر العاصمة، وقد أجازه، وذلك سنة 1963 م، الشّيخ فضيل اسكندر مفتي الحنفية بالمدية، وقبل وفاته أوصى أهل المدية خيرا بالشيخ لخضر الزاوي، الشّيخ مصطفى فخّار مفتي المالكيّة بالمدية، الشّيخ أحمد حماني، الشّيخ الطّاهر آيت علجت.
وأمّا تلاميذ الشيخ فكثيرون نذكر منهم: ولدُه الشيخ أحمد الزاوي، الشيخ نصر الدّين باشن، الشيخ عبد الكريم صاري، الشيخ جمال مرسلي، الشيخ بشير ولد بابا علي، الشيخ عبد الرحيم تركمان، الشيخ سفيان بن عيمش.
اشتغل الشيخ معظم حياته بالتدريس، ومن الكتب التي درّسها في المساجد أو لطلبته: «أسهل المسالك في مذهب الإمام مالك»، لسيدي بشار، «الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية»، للدكتور محمد صدقي البورنو، «سبل السلام» للصنعاني، «نيل الأوطار» للشوكاني، «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» لابن رشد، «قطر الندى وبلّ الصدى» لابن هشام في النحو، «متن الآجرومية» في النحو، «معين التلاميذ» شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، «حاشية البيجوري» على جوهرة التوحيد في العقيدة، «قرة العين» شرح ورقات إمام الحرمين في أصول الفقه، شرح «مختصر خليل» في الفقه المالكي، وهذا الكتاب قد شرحه الشيخ مرات عديدة، في المسجد ومع طلبته، وكان اعتماده الأساس على شرح الدردير (حاشية الدسوقي)، وكان يصحّح من حفظه الأخطاء المطبعية الواردة في الكتب التي يقرأ منها طلبته.
ولم يشتغل بالتأليف، إلا أنّ تلميذه جمال مرسلي جمع بعض فتاويه في كتاب: «من فتاوى الشيخ لخضر الزاوي»، وجمع خطبه في كتابين، الأول منهما خاص «بالخطب العامة»، وقد طُبع، أما الثاني الخاص «بخطب المناسبات» ما زال لم يطبع.
كما أنّ مشروع جمع فتاوى وفوائد الشيخ قيد التحضير بعنوان: «المجالس العلمية للشيخ لخضر الزاوي» مع تعليقات تلميذه جمال مرسلي.
وكان الشيخ من أنشط الأئمة قبل تقاعده، حيث شارك محاضرا في كثير من الندوات التي كانت تقيمها مديرية الشؤون الدينية لولاية المدية.
كما له مشاركات مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وحوارات إعلامية مع جرائد وقنوات.