اليوم الدراسي الأول: فقه الائتلاف والاختلاف (صفر1437-نوفمبر2015)

ملخص المحاضرة:

بدأ الأستاذ محاضرته ببيان طبيعة الخلاف في حياة الإنسان، بوصفه مظهراً من مظاهر خلق الله التي أرادها أن تكون بين البشر من باب التنوّع المثمر إذا كان بقواعده وآدابه، وإلا كان من شأنه الشقاق والفوضى.

 عرّف الأستاذ الخلاف لغة بأنه: نقيض الاتفاق، واصطلاحا بـــــــ: أن ينهج كل شخص طريقا مغايرا للآخر في حاله أو قوله، وهو أعمّ من التضاد؛ لأنّ كل متضادّين مختلفان، وليس كلّ مختلفين متضادّين.

أما أقسامه، فمنه:

المقبول: ويكون في الأمور التي شُرعت متنوّعة، واختلف العلماء في الأفضل منها، كأنواع النسك، والجهر بالبسملة والمخافتة فيها، ويندرج تحت هذا المعنى الاختلاف السائغ بين مجتهدي الأمة في الظنيات.

ومنه المردود: وهو كلّ خلاف تخلّف عنه شرط من شروط الخلاف المعتبر، بمخالفة نصّ من كتاب أوسنة أو إجماع وما في معناها، والمخالفة قد تكون صريحة وقد تكون ضمنيا.

من الآداب النفسية للاختلاف، التي جاءت في المحاضرة:

– صدق الدافع: بأن يكون مقبولاً عقلاً ونقلاً، لئلاّ يقع الاختلاف بدافع الهوى.

– تفهّم طبيعة المخالف: وهو ممّا يعين على صدق الدافع، فقد يكون معذورًا بجهل أو اجتهاد.

– تربية النفس على استثمار الخلاف المعتبر: ففيه المصلحة العامّة والخاصّة.

– الابتعاد عن الانفعال الظرفي: لئلاّ يقع في الغلوّ والمبالغة، ومقابلة الخطأ بالخطأ.

– تهيئة الجو المناسب للخلاف: باختيار المكان والزمان المناسبين، والبعد عن الأجواء الغوغائية، فيضيع الحق.

– مراعاة الحالة الاجتماعية للمخالف: ومنها الرحمة والشفقة على المخالف دون جعل الخلاف وسيلة لتنفيس الأحقاد والحسد وفرصة لنشر العداوة.

ملخص المحاضرة:

بيّن الأستاذ أهمية معرفة مسوّغات الخلاف التي تكمن في معرفة سبب اختلاف العلماء، ممّا يقلّل الاعتراض عليهم، ويمنح مجالا لاستثمار اختلافاتهم بما هو مطلوبٌ شرعًا.

ثمّ عرّج على بيان أنواع هذه المسوّغات، فمنها الموضوعية المتعلّقة بالباحث أو الفقيه، مثل:

– اختلاف المدارك العقلية، والطبائع النفسية.

– اختلاف البيئة.

– اختلاف المشارب العلمية.

– أعراض البشرية وما يلازمها من الخطأ.

ومنها المسوّغات الشرعية، أي: المتعلّقة بالنص الشرعي، مثل:

– محدودية النصوص.

– ظنية اللغة التي تحتمل في دلالاتها على الألفاظ المعاني العديدة.

– الأسلوب الكلي في تقرير الأحكام الشرعية، التي يستنجد بها الفقيه عندما لا يجد نصا جزئيا لمسألته.

– معقولية الأحكام الشرعية من خلال تعليل النصوص.

– التجريد من حيث أنّ الأحكام مجردة في الذهن، ويقع على المجتهد تنزيلها على الوقائع والمناطات.

ملخص المحاضرة:

تناول الأستاذ مقدمة ذكر فيها المناظرة في التاريخ وفي القرآن والسنة وعند السلف الصالح.

ثم تناول أشهر المصنفات في علم المناظرة، وأقسامه، لا سيما في كيفية المناظرة، وأخلاقياتها.

بعدها ذكر الأستاذ تعريفا للمناظرة، وآدابها التي أهمّها:

– تقوى الله فيما سيُقدم عليه الـمُنَاظِر.

– تجهيز النفس لقصد الحق.

– أن يكون له علم فيما يُناظر.

– أن يكون في حالة مُريحة، غير مرهق النفس والبدن، أو مشوّش العقل.

– أن تكون العبارة مختصرة واضحة في التعبير على الفكرة، وفهم المخالف دون مقاطعته.

– عدم الخروج على الموضوع وشخصنة المسائل.

– قبول الحق عند ظهوره.

– عدم احتقار المخالف أو استعظامه.

– عدم مناظرة الجاهل وغير المنصف.

ملخص المحاضرة:

تناول الأستاذ مقدمة عن أهمية المصطلحات، ثمّ أكّد على أنّ مسوّغات الخلاف لا ينبغي أن تُفهم على أنها قرينة على اضطراب الشريعة وأحكامها، بل هي قرينة على ثرائها.

وبيّن الأستاذ:

– أنّ الأصل في الأمّة الاتفاق لا الخلاف.

– أنّ تفاعل الأمّة مع دينها أصل.

– قيمة الاجتماع وخطورة الافتراق.

– خطورة استخدام المصطلحات في غير سياقها الصحيح، بما يفرّق الأمة، كمصطلح الفرقة الناجية، وأهل السنة والجماعة، الذي أسيء تفسيرهما وتوظيفهما على الواقع.

ملخص المحاضرة:

بدأ الأستاذ محاضرته ببيان أنّ من مظاهر تكريم الله للإنسان أن خلق فيه القابلية للتعلّم لأداء رسالته في الأرض بعمارتها وعبوديته سبحانه وتعالى.

ثم ذكر قاعدة من قواعد طلب العلم الشرعي ألا وهي: الاهتمام بالعلم للعمل وتوظيفه في الواقع، لا الاهتمام بالجدل والمناقشات دون فائدة مرجوّة، كما أنّه ليس كلّ ما يعلم يقال، تفريقاً بين لبّ العلم ومُلَحه، حتى يُعرف أين تنصبّ الجهود.

ذكر الأستاذ بعدها جملة من أولويات البحث في العلوم الإسلامية، منها:

– الاستغناء عن عرض الفرق القديمة البائدة، بل الاهتمام بتفنيد أفكار الفرق المعاصرة.

– الاهتمام بالنوازل المعاصرة، دون تعصّب لمذهب واحد.

– الاطّلاع على العلوم المساعدة لتصوّر المسائل.

– عدم إهمال الواقع السياسي عند التنزيل وتقدير المصالح ومراتبها، واعتبار المآلات.

– علاقتنا بغير المسلمين والعلاقات الدولية.

– السنن الكونية وفقه التغيير والعمران وحركة التاريخ.

ملخص المحاضرة:

نـــبَّه الأستاذ في مقدّمته إلى أهمية انطباع الأفكار في النفوس لتحرّكه للعمل ملخّصا إياها في ثلاث عبارات:

– فكرة أصيلة.

– فكرة منطبعة.

– الخطة الموضوعة.

ثم تناول المحاضِر مستويات المشتركات: مستوى أقرب الناس إليك من الأسرة والمجتمع والوطن، فالدولة، فالإنسانية، أخذًا بحقيقتها لا بالانحرافات الواقعة عليها.

الحديث عن الإنسانية هو الحديث عن أصل الإنسان، ولا يعني الحديث عن الغرب كنموذج في ذلك.

هناك صور نمطية للآخر يجب معرفة أسبابها وغاياتها، وذكّر الأستاذ بضرورة الاعتناء بثقافة الاستيعاب، وذلك بـاجتناب الموانع الآتية:

– التعامل مع الآخر بنقله «من-إلى»، بل التعامل معه بقدر ما يتعلّم «المساءلة والمباحثة المعرفية» لا لتغيير المذهب، بل لإعطاء الآخر الحق في الخلاف والاعتراف به بعد التعمق في البحث.

– التمذهب والتعصّب؛ لأنها الآفات المانعة للتعاون على المشتركات، إذ المتمذهب يرى أنّ الدين بحاجةٍ إليه، والمتعصّب كذلك يرى بأنّ الدين بحاجةٍ إليه، والحقيقة أنّ كليهما بحاجة إلى الدّين، فهما مفتقران إلى الله لا العكس.

– غياب الأفق الإنساني في الخطاب الإسلامي.

وختم الأستاذ بضرورة الاعتناء بـ :

– الاستئناف بعد بيان المشترك.

– ثقافة العمل الإيجابي بتدبير الاختلاف بعدم زيادة التوتر التي تُفقد المكاسب.

– الاهتمام بالتعلُّم، مع المزاولة، وفقه إنتاج المعرفة الفقهية.

– تطعيم الطلبة ضد الحداثيين المعاصرين.